الجسدُ المُحطَّمُ يُبشّرُ بذاك المُمَجَّد
دير مار موسى الحبشي – النبك سوريا
دير المخلّص – كوري (سان سالفاتوري)
دير السيدة مريم العذراء – السليمانية
الجسدُ المُحطَّمُ يُبشّرُ بذاك المُمَجَّد
رسالة الأصدقاء ٢٠٢١
في السابع من نيسان كنتُ قد وصلت بيروت للتْو عندما تلقّيت اتصالاً من الضيعة: ”جهاد، أمك مريضة“. شعرت بالشبح المشؤوم يحوم حول الحنونة. في الثالث عشر من شهر أيار ماتت أمي وهي تصلي، يدي بيدها. تُوفِّيتْ أطيب الخلائق إلى رحمة الله تعالى يوم خميس الصعود، وعيد سيدة فاطمة وأول أيام عيد الفطر المبارك، بسبب إرتكاسات فيروس كورونا البشع. لطالما فكرت بهذا اليوم، خفته، وصليت لأجله.
”إِنَّ اللَّحْمَ والدَّمَ لا يَسَعُهما أَن يَرِثا مَلَكوَتَ الله، ولا يَسَعُ الفَسَادَ أَن يَرِثَ ما لَيسَ بِفَساد“. (١كور ١٥/٥٠). تأملت مرارًا وما زلت في سرّ الحياة، حيث لا يوجد أمرٌ أكيدٌ مثلُ الموت. ولطالما ساءلتُ نفسي، كيف دخل المسيح القائم العلية على تلاميذه والأبواب مغلقة (را. يو ٢٠/١٩). خَالهُ الرسلُ روحًا، لكنه أراهم يديه ورجليه وطلب منهم أن يلمسوه، وعندما لم يصدقوا سألهم طعامًا وأكل بمرأىً منهم (را. لو ٢٤/٣٧-٤٣). إننا قومٌ نؤمن بالقيامة كما يؤكد الرسول بولس: ”24 هذا شَأنُ قِيامَةِ الأَموات. يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِفَساد والقِيامةُ بِغَيرِ فَساد… 44 يُزرَع جِسْمٌ بَشَرِيٌّ فيَقومُ جِسْمًا رُوحِيًّا“ (١ كور ١٥/٤٢.٤٤). هذا يوحي أن “البشريّ” هو جسد طبيعي، غير روحاني، فإن توقف عن التنفس يموت. أما الروح فلا جسد له، وبالتالي فهو لا يتنفس، لأنه نَفَسٌ كله. لكن يسوع القائم من الموت، كان وما زال يتنفس. ومع ذلك فلم يعد جسده “بشريًا”، بالمعنى الذي يتحدث عنه بولس، بل هو جسد روحاني، أي مُمَجد ومن صفات المَجدِ عدمُ الزّوال وعدم الفساد.
ينظرُ الناسُ في عالم اليوم إلى الجسد وكأنه صنم. في دعايات التلفاز أو الإنترنت التي تروِّج لمنتوجات مختلفة ولسوق استهلاكية لا تَرحم. دائمًا يُقدَّمُ الجسدُ شابًا، رشيقًا، غضًّا، جذابًا، رياضيًا، قويًا، مغريًا جنسيًا... إلخ. في العمق يَرغب الجميع فيما لو لم يمرضوا أو لم يشيخوا. تكاد لا تخلو دعاية ولو كانت لسيارة أو لبراد من فتاة ترتدي أقل كمية ممكنة م الملابس أو من شاب يعرض أكبر قدر ممكن من العضلات. الجسدُ سلعةٌ رخيصةٌ في عالم أصبحت فيه كل السلع باهظة الثمن. تُعامَل الأجساد، أجساد البسطاء والفقراء، وكأنها وقود للتدفئة من قبل الأقوياء ولمصلحة أجسادهم. تَحصُد الحروبُ أجسادَ الملايين ولا تعبئ بأرواحهم. يحيا الكثير من الناس لإمتاع أجسادهم، على حساب أرواحهم، وأرواح الآخرين وأجسادهم.
قضيت مع أمي المريضة ٣٣ يومًا، ساءت فيها حالتها تدريجيًا إلى أن فقدت تركيزها وضعُفت ذاكرتُها وتضاءلت حركتُها، فأصبحت بحاجة إلى من يخدمها في كل شيء. لم أقضِ مع أمي وقتًا طويلاً كهذا منذ أكثر من عقدين. غنيتُ لها ومعها، أطعمتها، أَسقيتُها، أعطيتُها دواءَها، ألبستُها ونظفتُها، غسلتُ قدميها بوقار وحمَّمتُها بحشمةٍ، مشطت شعرها الحريري الفائق النعومة؛ عملتُ لها لمدة شهر ما قدمت لي لسنوات طوال. ضحِكنا وتمازحنا، وأثناء التعب وقلة النوم تشاجرنا ورفعتُ صوتي في وجهها من يأسي وإرهاقي، معتقدًا أنني ربما أساعدها عندما كانت ترفض تناول الطعام مثلاً، أو لكي أمنعها من القيام بما يؤذيها، وبما يزيد من تعبي … طلبتُ منها الغفران على ذلك فسامحتني وطلبت من الله أن يسامحني ويرضى عني. قلتُ لها مرارًا وتكرارًا كم أحبُّها، قلتُهُ لها لدرجة الإطناب، وفي كل مرة، ورغم الألم وإلى النفس الأخير كانت تجيبني بلكنتها اللبنانية: ”وأنا كمان بحبَّك“. قلت لها وأعدتُ كم أنا مشتاق لها، فكانت ترد بعذوبة فائقة: “وأنا كمان مشتاقتلك”. بكيتها حيةً وأنا أراها تضمحلُّ وتتلاشى، ولم أعد أخشى خطرَ العدوى فما حرمتُ شفتاي من تقبيلِ يديها الناعمتين، وأطفأتُ ظمأ كبدي من لَثْمِ جبينها ووجنتيها. صلينا معًا وشكرنا الله على كل شيء. أكدَتْ لي عدم خوفها من المرض ومن الموت … لفظَتْ أنفاسها الأخيرة وهي تردد “مع آلامك يا يسوع”. كان موقفها هذا وصبرها وتسليمها درسًا لي في الإيمان كما سبق أن علمتني الصلاة في طفولتي. رأيتها تسلم ذاتها للرحمن وسمعتُها تناجيه ”يا رب خلصني، يا يسوع خذني، يا عدرا دخيلك“. شهِدتُها تخضعُ لخالِقِها بانتظار أن ”يكونَ اللّهُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شيَء.“ (١كور ١٥/٢٨).
علمني جسد أمي الضعيف أشياء كثيرة، أوَّلُها بُطلانُ الدُّنيا. علَّمَني الصبر، أرغمني على أن أتواضع أمام عظمته وعظمة خالقه. ساعدَني جسدُ أمي العاري في خجلي وارتباكي أمام جسد المرأة وإشكالية العلاقة به كرجل شرقي، وكراهب مكرس بالعفة. كشف لي جسدُها الصغير البالي أسرارًا كنت أجهلُها. صالَحَني مع جسد المرأة الذي ما رأيته عاريًا قط، لكني طالما اشتهيته وباحترام تجنّبته، وكانت لدي الفضولية التعرف إليه واكتشافه، إلا أنني من خلال تكريسي الرهباني اخترتُ نمطًا مختلفًا في العلاقة مع الجسد، جسدي أولاً ومن ثمّ مع جسد المرأة.
حررتني الخبرة مع أمي المريضة من محرماتٍ فرضها علينا مجتمع متشدد وتربية دينية غير النقدية. أظهرَتْ لي هذه الخبرة قداسة الحياة وجمالها الذي لا يغرب مع الشيخوخة ولا يخف مع المرض، وعرفتني على رائِحةُ المسيحِ الطَّيِّبةُ التي تَسيرُ بنا مِن حَياةٍ إِلى حَياة. (را. ٢كور ٢/١٥-١٦). لقد فرض علينا وباء كورونا قيودًا مؤلمة، وسبب ضررًا جسيمًا لكثير من الشعوب والبلدان. إلا أنها فرصة ذهبية كي نتعلم ما هو المهم وما هي الأشياء الجوهرية. والسؤالُ: هل تعلمنا؟ هل فهمتِ البشريةُ بأسرِها الدرس؟ بغض النظر عن ذلك، فليستمتع كل منا بمن يحب، فلنخدم والدينا وأجدادنا، لنعبّر لهما عن حبنا قبل أن يفوت الأوان. لا شيء يستحقُّ أن نخاصمَ أحدًا، فلا تمنعنا الكبرياء من طلب الغفران والمصالحة ممن خطئنا بحقهم، ولا نخجلنّ أو نؤجّلنّ كلمة “أحبك” ولو دون مناسبة.
رتبتُ أغراض أمي، بعضَ الثياب أكثرُها بالٍ، مشط للشعر، مقص أظافر، نظارات، بعض الأبيال الصغيرة (كهرب)، قداحة، سجائر … إلخ. لم تكن أمي تريز، تملك شيئًا عندما ماتت سوى قليلٌ من المال كنت قد “دحشتُه” أنا في جزدانها في الأشهر السابقة… فقرٌ يجاري فقر النساك بل كاد يفوقه. خجلت من نفسي أمام فقرها، أنا الذي نذرتُ الفقر. كم كانت فخورةً بتكريسي، فقد نسيَتْ كثيرًا من الأشياء والأشخاص لكنها قالت لمن حول سرير مرضها: ”ابني راهب في دير مار موسى“. لقد تعلقَت بالله تعالى الذي حررها، ”فحَيثُ يَكونُ رُوحُ الرَّبّ، تَكونُ الحُرِّيَّة“. (٢كور ٣/١٧). شكرًا ماما، ابنك راهب جهاد.
أهم ما حدث في حياتنا هذا العام هو المجمع الرهباني الذي تأجل بسبب الظروف التي فرضها وباء كورونا من أيلول ٢٠٢٠ إلى ربيع ٢٠٢١. انعقد مجمعنا الانتخابي بين ١٨ أيار و٤ حزيران، بحضور كل أفراد الجماعة الناذرة في الدير الأم. كان أكثر بكثير من مجرد موعد روتيني سنوي، إنه يشكل حلقة مهمة مفصلية في تاريخ رهبانيتنا الناشئة، ويمكننا أن ندعوه وبحق، مجمعًا شبه تأسيسي، فقد قمنا خلاله بإعادة توجيه دفة المركب باتجاه ميناء الأمان. فاخترنا بقناعة وفرح، المضيَّ قدمًا في تكرسينا الرهباني على أساس أولوياتنا الثلاث، الصلاة، العمل اليدوي والضيافة، يجذبنا أفق التناغم والصداقة والتقدير المتبادل مع الإسلام والمسلمين، الذين نحبهم باسم المسيح، وكما أحبهم هو. كان المجمع فرصة للصلاة والتأمل والحضور المشترك أمام الله، مع الوعي لضعفنا وحدودنا، ومجالاً لمراجعة شفافة وصريحة ـــ وإن أحيانًا مؤلمة ـــ لعلاقاتنا الشخصية التي سبق وتوترت ولأسباب عديدة، وبالتالي لإعادة منح الثقة بعضنا لبعض وتلقي ثقة الله تعالى بنا. بالإضافة إلى ذلك قمنا بإعادة دراسة لمشاريعنا العملية ذات الطابع التربوي والإغاثي الإنساني، وعلى صعيد العلاقة بالكنيسة الجامعة والمحلية وبالمسيحيين الشرقيين سواء من تبقى منهم في الشرق أو الذين هاجروا إلى رياح الأرض الأربع. كما وتوقفنا مطولاً عند الإرث الروحاني الذي خلفه لنا مؤسس جماعتنا الراهب بولص وكيفية تفعيل موهبتنا الخاصة في الحوار الديني خاصة مع الإسلام؛ وفكرنا بما تحتاجه كنيسة اليوم، ما هي التحديات وأين مراكز القوة ونقاط الضعف، باختصار ما هي مشيئة الله في حياتنا الآن.
تمخض المجمع عن انتخاب الراهب جهاد يوسف رئيسًا للجماعة، والراهب جاك مراد مدبرًا ونائبًا للرئيس، وذلك بحضور صديق الجماعة القديم الخورأسقف ميشيل نعمان المحترم، الذي فرز الأصوات ووثَّقَ الحدث كنسيًا. وقد عبرت الجماعة الرهبانية عن الامتنان العميق والتقدير الصادق للجهد الذي بذلته الراهبة هدى كرئيسة للجماعة، ليس فقط في السنوات الثلاثة والنصف التي تلت انتخابها في أيلول ٢٠١٧ ولكن من ٢٠١٢ وإلى تاريخه. لقد خدمت الجماعة بحب وصدق بحسب إمكانياتها، حدودها ومواهبها، وحملت على كاهلها حملاً كبيرًا، كافأها الله بإكليل المجد والفرح الروحي. أكدّنا من جديد على دور العلمانيين في الكنيسة عامة وفي جماعتنا خاصة، وعلى كيفية تطوير العلاقة مع أصدقائنا في مختلف أنحاء العالم، ومن مختلف الكنائس والأديان، والانتماءات الروحية والثقافية المتعددة، المتدينين منهم أم اللادينيين. تشعر الجماعة بامتنان كبير وخاص لجمعيات الأصدقاء المقربين منها في إيطاليا، فرنسا وسويسرا، الذين يرافقونا بحب وكرم منتبهين إلى حاجاتنا المادية والمعنوية. وهنا لا ننسى ذكر المؤسسات الكنسية، الكاثوليكية منها خاصة وغيرها من الجمعيات الدينية، أو الجهات الرسمية وغير الحكومية التي تساندنا منذ أعوام وقد أصبحوا شركاء في المسيرة لخدمة السلام والعدل والبحث عن الخير العام للإنسانية جمعاء.
أعاد الرهبان والراهبات انتشارهم في أديرة الجماعة بعد انتهاء المجمع. نحن الآن موزعون على الشكل التالي: جاك، هدى، يوسيه، جودت وجهاد في دير مار موسى، ديما وكارول في دير المخلص – كوري، ينس وفريديريكة في دير السيدة مريم العذراء – السليمانية. لقد أبدت الأخوات استعدادهن للتناوب في الحضور في مار موسى حتى لا تبقى الأخت هدى الراهبة الوحيدة فيه. وقد أنعم الله علينا في هذا العام بشخصين يقضيان سنة من التمييز الروحي، في دير مار موسى وهم الأخت دينفر ميشيل بيتّي، وهي صديقة إيطالية للجماعة منذ عدة سنوات، وقد ابتدأت خبرة الطالبية الرهبانية في ٢٠ أيلول الماضي. الشخص الثاني هو الأب ماريو فوليا باروشين، كاهن من أبرشية بييلّا في شمال إيطاليا، وقد التزم بخبرة الطالبية في التاسع من تشرين الأول الماضي، وفقهما الله. كنا ومازلنا نصلي لأجل الدعوات الكهنوتية والرهبانية لكل الكنيسة، متذكرين دائمًا أن الدعوة المشتركة لكل الناس هي إلى القداسة.
الراهب جاك
أمضى جاك هذه السنة في الدير يصلي ويقوم بأعمالٍ مكتبية وفي المطبخ حيث حضر المربيات الطيبة، مثل مربى الورد، على الطريقة الحلبية. وقدم الخدمة الروحية والكهنوتية سواء في الجماعة أم خارجها، في رعايا وجماعات رهبانية طلبت منه ذلك، في سوريا أو في العراق. وقد ذهب في أول شهر أيلول إلى إيطاليا لمتابعة أمور العلاج الطبي وتجديد أوراق الإقامة بالإضافة إلى بعض اللقاءات والنشاطات مع الأصدقاء في أوروبا. يُضفي حضور كاهن من أفراد الجماعة في كوري طابعًا خاصًا على الاستقبال وعلى حياة الصلاة في دير المخلص. سوف يعود جاك بإذن الله إلى دير مار موسى لنقضي الميلاد سوية، ولكي يتسلم مهامه الجديدة.
الراهبة هدى
عملت هدى كرئيسة للجماعة بأمانة كاملة إلى أن سلمت المهمة للرئيس الجديد. وبعدها أمضت فترة في كوري وهي الآن تعيش حياتها الرهبانية في مار موسى ببساطة وكرم. تهتم بالعمل الموكل إليها وتمارسه بأريحة، خاصة بعد أن تحررت من ثقل المسؤولية. يتسم حضورها في الدير بالعفوية مع الأمانة في الاهتمام بكثير من الأعمال سواء المكتبية أو التنظيمية. عادت هدى إلى ممارسة هواية الرسم، لوحاتها بسيطة وعميقة بعد التأمل والصلاة. نرجو أن تتمكن هدى من أخذ وقت كافٍ للراحة بعد خدمة هذه السنين الطويلة وأن تتفرغ أكثر لاستقبال الأشخاص والإصغاء إليهم ومساعدتهم روحيًا.
الراهب ينس
يتابع ينس الاهتمام بدير السيدة مريم العذراء في كردستان العراق. نلمس في هذا الراهب الجدية ليس فقط في إدارة المشاريع المتعددة التي سيأتي ذكرها لاحقًا، ولكنه أمين أيضًا في خدمته الرسولية لصالح “رعيته” من المسيحيين المحليين النازحين ومن الأجانب من أسيويين وأروبيين عاملين في السليمانية، فقد أبى إلاً أن يمضي معهم الفصح ومن ثم قدم إلى دير مار موسى لتحضير وحضور المجمع. يذهب ينس من حين إلى آخر إلى أوروبا لأجل التزامات الجماعة الرهبانية وأيضًا لزيارة عمته أطال الله عمرها في برلين.
الراهبة ديما
كانت ديما حاضرة في دير مار موسى خلال النصف الأول من العام الجاري، قامت فيه بعدة أعمال منها منافسة جاك في تحضير مربى المشمش اللذيذ، كما وقامت بترتيب أرشيف الدير الذي كان مكدسًا في صناديق لمدة سنوات وقد عملت على ذلك بمفردها وحتى ساعات متأخرة من الليل. كما أشرفت بمساعدة ينس وآخرين على إعادة ترتيب كتب المكتبة في أماكنها الصحيحة، إذ تم إخراج ما كان ما يزال منتظرًا دوره في صناديق وعلب كرتونية. الآن يمكننا أن نختار كتابًا ونطالعه. توجهت ديما إلى كوري في منتصف شهر آب لتبدأ مسيرة البحث العلمي للحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة الغريغوريانا في روما.
الراهب يوسيه
انطلق يوسيه بفرح كبير وسخاء في عمله في ورشة الشموع والمسابح اليدوية. فهو يؤمّن حاجة الدير من الشموع بالإضافة إلى حاجة أديار أخرى كاثوليكية وأرثوذكسية من شموع ومسابح الصلاة. وقد وسع نطاق عمله في هذا المجال وأعطى فرص عمل لفتيات فقيرات في دمشق يساعدنه في تحضير بعض الأعمال اليدوية بعد أن علمهنَّ ممارسة الحرفة بإتقان. إنه الآن يواجه تحديًا كبيرًا وهو الإقلاع عن التدخين، لنصلّ كلنا لأجله.
الراهبة كارول
كان لكارول الفضل الأكبر في تنظيم آلية الحوار في مجمعنا الرهباني هذا العام، وقد لمسنا كلنا ما وهبها الله إياه من عطايا، بشكل خاص قدرتها على تسخير خبرتها في علم النفس لصالح خلق ديناميكية علائقية ساعدت الجميع على مواجهة ذاته والخروج منها إلى لقاء الآخر والإصغاء إليه ومحاولة العمل على خيره. عادت كارول إلى كوري بعد قضاء فترة قصيرة مع أمها المريضة في لبنان، وهي الآن تتابع بحماس العمل على أطروحة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية حول ”نداء الله للإنسان في القرآن الكريم“.
الراهبة فريديريكة
اتجهت فريديريكة عدة مرات إلى ألمانيا للبقاء بجانب أمها المريضة، منطلقة كل مرة من دير مختلف من أديار الجماعة. إن اعتناءها بأمها واجب إنجيلي تقوم به هذه الأخت باسمنا جميعًا. بعد المجمع بقيت فريديريكة في دير مار موسى إلى نهاية تموز تقريبًا وقد ساعد حضورها المصغي والمنتبه لكل أخ وأخت في تفعيل حلقات حوار جماعي وثنائي تابعنا من خلاله ما بدأناه في المجمع. هي الآن في دير السيدة العذراء في السليمانية تتعاون مع ينس في إدارة حياة الدير ونشاطاته وتتابع ورشة المسرح التي تسعى لمساعدة الأشخاص لمعالجة بعض الصدمات وجراح الحرب، لقد عرفت الورشة تقدمًا ملحوظًا منذ انطلاقها منذ عدة أعوام.
المبتدئ جودت
يظهر جودت في سنته الثانية من الابتداء فضولية كبيرة لتعلم كل جديد، ويحاول تنظيم حياته الروحية والرهبانية بمساعدة الراهب جاك. إنه يبدي تطورًا في مبادرته للقيام بأعمال أو علاقات مع الآخرين أكثر من ذي قبل، مما يبشر بالخير. يحتاج هذا الاندفاع إلى صقل ومثابرة حتى يصل هذا الأخ إلى إبراز نذوره في الجماعة. في بداية تشرين الأول انطلق جودت وبحماس وفرح كبيرين إلى مدينة حلب للقيام بخبرة تدوم ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، تحت إشراف الإخوة المريميين (ماريست) يشارك فيها بمشاريعهم العديدة من النشاطات التربوية، إلى الاهتمام بالمسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى خدمة الفقراء، والعمل مع الشبيبة وغيرها. نأمل أن يساهم هذا الجو الغني والسليم، حيث يلتقي جودت بشبيبة من عمره، بفتح مجالٍ للنضوج الإنساني وللخبرة الطبيعية التي تأثرت سلبيا بجو الحرب التي عاشها جيل هذا الأخ، وفقه الله.
الراهب جهاد
تابع جهاد التزامه كمدبر ونائب للرئيس إلى أن تم انتخابه رئيسًا بعد الأخت هدى. وقد بقي بجوار أمه المريضة، التي أحبها كل أفراد الجماعة، شاكرًا الله على نعمه. أثناء الصيف عمل جهاد مع الصديقة دينفر التي ساعدته بأمانة وكرم على تدقيق نص أطروحة الدكتوراه باللغة الإنكليزية في اللاهوت الكتابي عن شرح سفر تثنية الاشتراع، للعلامة عبد الله ابن الطيب، وهو يأمل أن يدافع عن الأطروحة في بداية ٢٠٢٢ في الغريغوريانا في روما إن شاء الله. إلى جانب ذلك فإنه يتابع التنظيم والإشراف على مشاريع الجماعة بمساعدة الرهبان والراهبات المتواجدين في سوريا. نطلب منكم الصلاة لأجله في مهمته الجديدة.
دير مار موسى الحبشي – النبك سوريا
لم نستطع هذه السنة أيضًا وللأسف الشديد استقبال الزوار كما نحب بسبب الحذر من العدوى بفيروس كورونا، وعدم إمكانية تعقيم الأماكن العامة وخاصة الكنيسة. لقد اقتصرنا على بعض الزيارات القصيرة المنسقة مسبقًا لمجموعات صغيرة من ٣ إلى ٤ أشخاص بالإضافة إلى استقبال حالات خاصة للنوم لشخص واحد أو اثنين على الأكثر. إن الوضع في زمن كتابة هذه الرسالة، ما زال صعبًا في سوريا، فهناك تزايد في حالات الكوفيد بشكل ملحوظ في شهري تشرين الأول والثاني. نطلب من الجميع الحذر ومن الله الفرج والرحمة.
مازلنا ننتظر بصلاة وبصبر ورجاء قدوم مطران أصيل جديد للأبرشية، فقد عين غبطة البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان الكلي الطوبى في شهر تشرين الأول، سيادة المطران رامي قبلان المحترم مدبرًا بطريركياً بانتظار المطران الجديد. تشكر الجماعة غبطة البطريرك على اهتمامه المباشر أثناء شغور الكرسي الأسقفي في الأبرشية، فقد زار راعي الرعاة دير مار موسى الحبشي في منتصف شهر حزيران والتقى بالجماعة الرهبانية كاملة واحتفل بالقداس الإلهي في كنيسة الدير وبارك الجماعة الرهبانية مؤكدًا على التكريس المشترك في خدمة الملكوت.
كما وتشرفت الجماعة الرهبانية في الثاني من تشرين الثاني بزيارة نيافة الكاردينال ليونارود ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، ونيافة الكاردينال ماريو زيناري، السفير الباباوي في دمشق. كانت الزيارة دافئة وغير رسمية شعرنا من خلالها بالاهتمام الأبوي الذي يوليه الكرسي الرسولي لجماعتنا، وقد صلينا معًا بحضور موظفي الدير وشركائنا في العمل، على نية مؤسس جماعتنا وكل المخطوفين والمفقودين وعلى نية السلام في سوريا والعالم. وبعد احتساء القهوة والمتة بارك الحبران الجماعة وتابعا الطريق مع مساعدَيهما إلى دمشق.
https://www.vaticannews.va/it/vaticano/news/2021-11/sandri-siria-viaggio-buoni-samaritani.html
مشاريع الدير
نتابع الاهتمام بمشاريعنا المعتادة وهناك جديد. فمدرسة الموسيقى تتقدم وقد شاركنا ضمن مبادرة ”أوركسترا الشعوب“ المؤلفة من خمس فرق موسيقية (الأرجنتين، جمهورية الكونغو، بابوا غينيا الجديدة، إيطاليا وسوريا) في عزف مقطوعة موسيقية بعنوان ”النشيد القريب“، أُلِّفَتْ خصيصًا لتلحين صلاة لله الخالق تلاها البابا فرنسيس في رسالته ”كلنا إخوة“ https://casaspiritoarti.it/it/progetti/la-rete-delle-piccole-orchestre-dei-popoli. قام بعض أفراد الفرقة الموسيقية بزيارة دار الأوبرا في دمشق حيث رحب بهم مديرها وشجعهم على التعاون مع الأوبرا وبناء صداقة ودية معها.
أما روضة القلمون فهي من جيد إلى أفضل على جميع الأصعدة، وكالعادة فإن طلبات التسجيل أكبر بكثير من قدرة الروضة على الاستيعاب، لذلك فنحن نأمل أن نتمكن من إنهاء البناء الجديد قريبًا كي نتمكن من استقبال أكبر عدد ممكن من الأطفال. إن نجاح الروضة دفع بكثير من أهالي النبك إلى مطالبتنا بفتح مدرسة ابتدائية. لكننا نعرف حدودنا ونشكر الله عليها. يستمر العمل في دار النشر بإشراف أديب على تحضير نصوص مهمة للطباعة، من محاضرات وندوات حوار تمت في الدير، ما زالت تنتظر من يدعمها ماديًا.
إن الحاجة للمساعدات الطبية المختلفة في ازدياد دائم، دون الحديث عن علاج السرطان المكلف بشكل غير معقول. نتابع في هذا المجال على قدر إمكانياتنا وكرم المحسنين، جزاهم الله خيرًا. إضافة إلى ذلك مازلنا ملتزمين بمساعدة ما يقارب الخمسة والأربعين طالب وطالبة على الدراسة في الجامعات السورية في كل من دمشق وحمص، حيث نساهم في نفقات التنقلات أو أجار الغرفة ومصروف الجامعة من كتب ومحاضرات ... إلخ. تقوم الجماعة أيضًا بتسهيل التواصل بين بعض الطلاب على والجامعات الإيطالية التي تقدم منح دراسية في الخارج، بمساعدة عدة أصدقاء من أساتذة الجامعات والمحسنين والعائلات التي تستقبل طلابًا في بيوتها، وجماعات رهبانية وجمعيات أصدقاء ومؤسسات غير حكومية وغيرهم. إننا نشكر الجميع على دعمهم آملين أن يتمكن هؤلاء الشباب والصبايا من تأمين مستقبل علمي نحن بأمس الحاجة إليه في سوريا وفي العالم. استأنفنا في بداية تشرين الأول مساعدة بعض الأطفال للعلاج في مشفى ”الطفل يسوع“ التابع للبابا فرنسيس مباشرة. إلى جانب هذا تمكنا بفضل الله وتضامن الأصدقاء الكرماء من تقديم مساعدة جزئية للتدفئة لما يقارب ٣٥٠ عائلة من القريتين والنبك ومناطق أخرى متفرقة حسب معرفتنا بحالات الفقر والحاجة.
كان المشتل في وادي الدير هذه السنة مصدرًا وافرًا للخضار من بندورة، كوسا، خيار، فليفلة، لقطين ... إلخ. لقد قمنا بتقليم كل أشجار الزيتون بشكل نموذجي بعد سنوات كثيرة من الانقطاع بسبب عدم توفر الخبراء. أما موسم الزيتون فكان قليلاً جدًا لكن النوعية ممتازة، وقد توفرت مونة الزيتون لهذه السنة لكننا لم نحصل وللأسف على الزيت. إن العمل الزراعي مهم بحد ذاته بغض النظر عن كمية الإنتاج، فالاعتناء بالطبيعة له رمزيته الإنسانية والدينية، وقيمته البيئية والجمالية. وفي هذا الإطار بدأنا بتوسيع جلول البستان الذي يحتوي على أشجار الزيتون المزروعة على حدود الحقول ذات المستويات المتفاوتة (حقل أعلى من حقل)، وذلك ببناء جدران حجرية تزيد المساحة تحت الأشجار لتسهيل جمع المحصول دون تعرض من يعمل لخطر السقوط في الحقل السفلي.
من الأمور الأساسية التي تشغلنا، وضع مكب نفايات مدينة النبك الواقع على طريق الدير، والذي توسّع عشوائيًا في السنوات الأخيرة بسبب الحرب والإهمال وقلة الإدارة الجدية والإمكانات المالية. وقد حاولنا مرارًا تنبيه الجهات المعنية وطلبنا المساعدة من دوائر الدولة الرسمية دون جدوى. إلى أن تم التعاون بين مبادرة مدنية محلية تحمل اسم ”معًا النبك أحلى“، وبلدية النبك، وشارك دير مار موسى في هذه المبادرة معنويًا وماديًا حسب القدرة. والنتيجة ممتازة إلى الآن، فقد تم لم النفايات المتناثرة على مساحات واسعة، ورميها في مكان مخصص لها، وتم تزفيت الطريق المؤدية إلى المكب لتسهيل وصول سيارات القمامة له، وتم غرس عشرات الغراس من أشجار في أماكن الرمي السابقة لتشكّل حديقة خضراء. المهم في هذا الأمر هو آلية المتابعة التي تضمن عدم ذهاب الجهود في مهب الريح. كلمة شكر لا تكفي لمبادرة ”معًا النبك أحلى“، فلهم الفضل الأكبر في نجاح هذا العمل.
لم تكن جماعتنا لتقوم بهذه المشاريع كلها لولا وجود فريق عمل من الشركاء، يتكون من أشخاص أمضوا أكثر سني عمرهم في العمل في الدير، مثل أمين، مروان، حسين، أبو رياض، نقولا، يوسف حنا، أديب، ودياب وغيرهم من الموظفين الجدد. باركهم الله جميعًا. دخل يوسف بالي عامه السادس عشر معنا، وهو ما يزال يصلي ويعمل و ”يخدم الرب“ كما يحب أن يقول عن نفسه. كما تتميز هذه السنة بحضور جوزيف، من وادي النصارى منذ شهر تموز إلى أن يشاء الله. يساعد جوزيف في حياة العمل في الدير خاصة في بعض الأعمال الحرفية وصيانة الخشب والأمور التي تتطلب ”مراق“ جيد، ويلتزم بشكل جميل بحياة الصلاة. يبقى أن نعرفكم على ديناستي، وهو قط جميل ومهضوم نال إعجاب الجميع بمن فيهم الأخت هدى، واستقطب اهتمام كل من سكّان الدير وزواره، وهو صياد ماهر جدًا، ولا يصدر عنه أي إزعاج البتة. يمكننا أن نعتبره راهبًا مع نذرين فقط، وهما الفقر والطاعة، لأننا أعفيناه من نذر العفة.
انتقلت مسؤولية دير مار إليان في القريتين إلى مطرانية حمص وحماه والنبك وتوابعها للسريان الكاثوليك نزولاً عند رغبة الرؤساء الكنسيين، ولم تعد جماعتنا هي المسؤولة عنه منذ فترة عام تقريبًا.
دير المخلّص – كوري (سان سالفاتوري)
توقفت أعمال الترميم في الدير بسبب التعقيدات التي أفرزها وباء كورونا. كنا نود لو تم إنجاز ما تبقى أثناء فترة المجمع التي كان فيها كل الأعضاء في سوريا وبالتالي كان الدير في كوري فارغًا، لكن الأمور أخذت منحىً مختلف. إن لقاء الربيع المريمي الإسلامي المسيحي ”معًا برفقة مريم لأجل السلام والعيش المشترك“ وأسبوع ”الأبواب المفتوحة“ في آب لم يجدا مكانهما في حياة الدير وللأسف هذه السنة، نأمل أن نستطيع على الأقل أن نقوم بـِ”الأبواب المفتوحة“ في ٢٠٢٢، ولكن كما يشاء الله. كانت باقي النشاطات الاعتيادية محدودة جدًا ومحكومة بوضع الوباء. من المهم أن نخبركم أن هناك الآن على الأقل ثلاث عائلات سورية مقيمة في كوري، مسلمين ومسيحيين، بالإضافة إلى عائلة بريطانية صديقة وهم إمّا وبيتر اللذان تزوجا في كوري، وعمّدا ولديهما هناك بل واشتروا بيتًا صيفيًا هناك للبقاء بجانب الجماعة قدر الإمكان، مما يجعلنا مرتبطين أكثر بهذه البلدة الساحرة وأهلها الكرماء. كما أن عناية المطران مريانو كروشاتا المحترم بنا كأبناء وبنات في الرب تزيد من قناعتنا أن الله قد بارك حضورنا هناك ونطلب منه النعمة لنكون على قدر المسؤولية. إننا نرجو أن ينحسر الوباء بأسرع ما يمكن حتى نتمكن من عيش دعوتنا كجماعة مصلية في أوروبا لأجل الصداقة الإسلامية المسيحية، ولا يكون وجودنا هناك مجرد حضور طلابي بحت.
استؤنفت أعمال ترميم الكنيسة في بداية تشرين الأول، ونأمل أن يتم إنجاز هذه المرحلة بأسرع ما يمكن، مما سيمكننا من استعمال الكنيسة بعد انقطاع دام عقود من الزمن. إن هذا سيفتح المجال أيضًا لتأمين مبادرات خاصة لترميم الرسومات الجدارية كما سبق وحصل مع لوحتي ”سيدة الكرمل“ و”الختان“.
لقد تغير كاهن الرعية ومساعديه في كوري، الأب أنجيلو بون أيوتو والأب جوفاني وغيرهم. إن جماعتنا الرهبانية تشكر الأب أنجيلو من صميم القلب على الدعم والصداقة والتعاون الذين أظهرهم لنا ونطلب من الله أن يوفقهم جميعًا في رعاياهم الجديدة. كما وندعو لأجل كاهن الرعية الجديد الأب جان-باولو ومساعديه، ونأمل أن نتمكن بسهولة من نسج أواصر الصداقة والتعاون لما فيه مجد الله والخير العام للجميع.
نشارككم ألمنا لخسارة الأب أوتافيانو ماوريتسي، عضو شرف من رهبانيتنا، الذي توفي في شهر كانون الثاني. كان لنا الأب والصديق والمرشد، وكان له الفضل الأكبر في تجذرنا في مدينة كوري. يعزينا أننا ربحنا شفيعًا في السماء.
دير السيدة مريم العذراء – السليمانية
تكوّنت في ديرنا في السليمانية نواة فريق عمل قادر على تسيير الأمور كما يجب حتى في غياب الراهب ينس. إننا نتطلع إلى تطوير هذه النواة وخلق جمعية من الأصدقاء والعلمانيين، قادرة على متابعة النشاطات والمشاريع في حال لم تعد الجماعة قادرة على تأمين حضور متواصل على مدار السنة.
ضمن نشاطات مبادرة ”دنغاكان“ (أصوات)، تابعنا في دروس اللغات العربية والكردية والإنكليزية لما يقارب ١٠٠ من الشباب والراشدين. كما شارك ١٧٣ طفل وطفلة في دروس صيفية، شملت اللغات العربية، والكردية، والإنكليزية، بالإضافة إلى الرياضيات، وألعاب لتنمية المهارات الاجتماعية والفنية. بينما في ناحية “كانه كاوا”، شارك ١٠٣ طفل وطفلة في دروس مماثلة. وفي ناحيتي “كانه كاوا” و “كوب تابه” قمنا بدروس محو للأميّة لـِ ٤٠ شخص لم يستطيعوا لسبب أو لآخر أن يذهبوا إلى المدرسة.
قام فريق المسرح في بداية الصيف بعرض ”رسالة إلى الجنرال“. نصٌ كتبه رضوان مدير الفريق، مستوحيًا إياه من ثلاثة كتب مختلفة. النتيجة كان أفضل عرض في تاريخ فريق صابون كاران المسرحي. كما يستمر التعاون مع المخرج ستيفانو أوتيني وباولو أكادو والأخت فريديريكة لمتابعة مسير الفريق، ولعمل زيارات لمخيمات اللاجئين وتعليم الأطفال بعض تقنيات المسرح.
استمر ”المنتدى“ بتقديم “حلقات القراءة” وقد تمت مناقشة أربعة كتب بمشاركة ما لا يقل عن ٣٠ شخص أمكنهم التعبير عن أراءهم أو تقديم نصوص شعرية. أضفت مرافقة الموسيقى على اللقاء جو مميز. وكان للأطفال حصتهم أيضًا في “زاوية القراءة” حيث قمنا بتشجيعهم على قراءة الكتب في مجموعات من ٥ – ٦ أطفال. حاولنا تأمين الكتب التي تعجبهم باللغة العربية لكننا نعاني من قلة كتب الأطفال باللغة الكردية.
بدأنا هذا الصيف مناقشة فكرة ندوات حوار مع مجموعة أساتذة علوم دينية إسلامية في جامعة سليمانية الرسمية. تتنوع المواضيع المقترحة بين: أدوار الرجل والمرأة في المجتمع، الأقليات والأكثرية، مواضيع حوار دينية.
في بداية أيلول شكّلنا مركزًا من مراكز ال JWL ”يسوعيون للتعليم العالمي“ Jesuit Worldwide Learning واستضفنا اثنين من دروسهم لنصبح أكبر شريك لهم في العراق. نأمل أن نستقطب عددًا أكبر من الطلاب العام القادم www.jwl.org.
قمنا بترميم الصالة في الطابق الأرضي لمعالجة شدة الرطوبة فيها. إلا أنّ العمل الأهم هو ترميم الكنيسة التي تعرضت لعدة تغييرات هيكلية فيما سبق ونرغب في إعادتها أقرب ما يمكن إلى الأصل، ونأمل أن يكتمل العمل في بداية العام القادم.
نستقبل منذ أيلول ٢٠١٩ أربع راهبات هنديات يتحضرن عن طريق دراسة اللغة العربية والكردية للقيام برسالتهن في مأوى للعجزة ومدرسة في مدينة كركوك، قام بإنشائهما سيادة المطران يوسف توما المحترم. سكنت الراهبات في العام الماضي في الطابق الأول الذي كان مكتبة الدير. أما هذه السنة فهن يسكنَّ في قسم الراهبات الجديد، وسيتحول الطابق الذي كُنَّ يسكنَّ فيه إلى مكتب ، وسوف تنتقل المكتبة حاليا إلى الطابق الثاني.
أيها الصديقات والأصدقاء الأعزاء، إننا نشكر الله تعالى على حبه الكبير. ونتوجه بالشكر لكم جميعًا على هباتكم الكريمة صغيرة كانت أم كبيرة، سواء تلك المرسلة لنا مباشرة أو عن طريق جمعيات الأصدقاء المرتبطة بنا. إنّ تضامنكم الملموس يقوينا ويساندنا في حياتنا اليومية وفي الوقوف بجانب الأشخاص المحتاجين للمساعدة. إنكم بمالكم تساهمون بصيانة الكرامة وممارسة الرحمة. نود أن نشكر كلاً منكم باسمه، كما يجب، يا أصدقائنا الأعزاء في العالم كله، على دعمكم الروحي والمعنوي والمادي. لكن وبسبب الصعوبات اللوجستية وعدم حيازتنا على عناوينكم بالتفصيل، يصبح ذلك مستحيلاً.
يلاحظ الذين قرأوا رسالتنا العام الماضي أن هذا القسم يكاد يكون مطابق لما كتبناه آنذاك. فما زال الوضع الاقتصادي في سوريا يزداد سوءً، والأسباب عديدة منها داخلي مثل المحسوبيات والفساد، ومنها خارجي مثل العقوبات الدولية وقانون قيصر، وربما يجدر بنا أن نسميه قانون فرعون الذي تفرعن لأن لا أحد وقف في وجهه. فالعمل قليل ولا تكفي وظيفة واحدة لتربية عائلة ولو دون مستوى الحياة الكريمة. مازالت الناس تعاني من نقص الكهرباء والمواد الأساسية من غاز وبنزين ومازوت يستخدم للتدفئة ولتشغيل المعامل ومن ضمنها الأفران، كما أن وقت الانتظار في طابور الخبز أمام الأفران العامة، لشراء ”خبز الفقير“ مازال طويلاً. تزداد صعوبة الطبابة وغلاء الأدوية مستمر دون توقف. نعرف رب عائلة يعرض بيته وأرضه للبيع لإيفاء ديون علاج أحد أولاده، وكثيرون هم مثله يريدون إنقاذ أحد الوالدين من الموت بسبب سرطان ما خبيث أو ضرورة غسيل الكلى أو … إلخ. بالرغم من ذلك هناك من يذهب إلى المشافي الخاصة ويشتري الخبز والغاز والمازوت والبنزين في السوق السوداء التي يدعونها ”سوق حرة“ وهي بالحقيقة ”سوق الرّق“ والمافيات.
لن نتعب من الصلاة من أجل السلام والعدل في العالم بأسره، وعلى نية الصداقة الإسلامية المسيحية، ولأجل أخوة شاملة ممكنة توحد الجميع من مختلف الأديان أو الانتماءات، متدينين أم لا. نعمل مع أخوتنا وأخواتنا من الكنائس الأخرى على عيش الشهادة للإنجيل العابر للانتماءات حتى الكنسية منها والتي كرستها الانقسامات التاريخية التي أصبحت ترتكز على أسس بالية، نطلب من الله هدمها وتبديلها بصخرة الوحدة. إننا نعي حدودنا والوسيلة الوحيدة لتوسيعها هي الآخر، خاصة الفقير، كلما انفتحنا تجاهه توسعنا. لكم منا كل التمنيات بميلاد مجيد وعام جديد ملؤه السلام والتعزية الروحية والفرح.
جماعة الخليل الرهبانية في دير مار موسى الحبشي