التباسات وتوضيحات
السلام لكل محبي سوريا وبعد،
هناك نقاش في البلد حول استخدام وسائل الإعلام بطريقة مؤيدة أو معارضة، مع الادّعاء بالموضوعية المطلقة من كِلي الطرفين.
هذا لا يساعد بلداً يحتاج لخلق ميدان للتفاوض الشفاف الصريح في سبيل وضع أرضية للوفاق الدستوري الضامن الوحدة الوطنية و الذي يشكل الشرط لممارسة الديمقراطية في مجتمع تعددي ومركـّب كالمجتمع السوري.
"حرية الصحافة لها عيوب كثيرة، وعدم حرية الصحافة لها كل العيوب!" أما اليوم وللأسف، لا يوجد في الميدان من يمارس خدمة حرية الصحافة، بل يوجد من يستخدم تكنولوجيا الميديا للإرشادات المذهبية والأكاذيب المصطـَفـّة والتخندُق الإعلامي.
وكما يقال: " اسأل مجرب ولا تسأل حكيم" .
ألقيت يوم أمس الخميس 1/12/2011 بضع كلمات عبر اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة أثناء نشرة أخبار في الساعة 2:00 عصراً بتوقيت سوريا، وانتقدتُ صراحة ً المصارعة الإعلامية التي تخدم هلاك وطننا وتدمير وحدته، وهذا في جملة ما قـُلتـُه للقناة من نداءٍ للمصالحة عبر التفاوض وحرية الصحافة.
في هذا النطاق، نعم، أشرتُ إلى ضرورة حماية المدنيين واستخدمت مصطلح "مناطق آمنة" ـ لا سيما المستشفيات والحرم الجامعي ـ فبنظري لا بدّ من المحافظة على إنسانية كل مواطن، وكرامة الميدان الأكاديمي بإبعاد التصادم العنيف عن قدس أقداس الإنسانية. فهذا لا يحتاج إلى تدخل خارجي ولا يحتاج لحماية من الجوّ ولا يحتاج لمناطق عازلة، بل يكفي أن تطلب سوريا حضور منظمات إنسانية سلمية لا عنفية تاتي لتساهم مع هذا الشعب الكريم،عبر حماية المواطنين على كافة انتماءاتهم، في بناء المجتمع التعددي الديمقراطي الناضج الذي تشتاق إليه ـ حسب ما أرى ـ الأغلبية الساحقة من المواطنين.
وما الذي حصل ؟!
في التقرير الإخباري اللاحق للجزيرة، التـُقطـَت جملةٌ واحدة مما قلت، لكي يُجعل من الأب باولو ـ الراهب المسالم ورسول المصالحة والتفاهم والحوار ـ رجلاً مصطفاً ينادي بدعم الكفاح المسلح في البلد.
فأنا أقول هنا للإعلام المشوِّه من أي جهة وتمويل كان: إن القنوات الخاصة بالأطراف المتنازعة لها حق أن تصطـَف، لكن للمواطن الحق بالحصول على شيء من خدمةٍ إعلاميةٍ منصِفة ونزيهة في سبيل دعم شفافية المجتمع.
كم استغربت أيضًا عندما قرأت الترجمة العربية لما قلته لجريدة كاثوليكية فرنسية اسمها "الصليب | لوكروا "، وهي أهم جريدة مسيحية فرنسية، وشككت حينها بإخلاص المترجم، لأكتشف أنني ظلمتهُ بشكـِّي، فمن شوَّهَ أقوالي، لربما بنية غير سيئة، كان الصحفي الفرنسي.
بالواقع كنت قد ألقيت بعض الجمل بمقابلة مسجلة عبر اتصال هاتفي باللغة الفرنسية، و"الشاب الطيب" قد ترجمها إلى فرنسيته مبسِّطاً الأمور بحسب رغبته بأن يدغدغ مسامع القراء الفرنسيين، وأعارني لغة ً معارضة ً بشراسة، حتى أن النص الفرنسي للمقابلة أصبح متناقضاً جداً بين أقوالي التي تنادي إلى التوافقية وإلى التفاوض وإلى المصالحة وإلى اللاعنف، وبين أقوال ٍ أخرى يبدو انها خرجت من معارض ٍ متشدد.
"الله يسامحك" أيها الصحافي الفرنسي وقد وثـِقتُ بك لاسم جريدتك "الصليب"، و "الله يسامحني أنا" لعدم مراجعتي للمقابلة قبل نشرها.
وفي الختام "لا يحميك من عيوب الصحافة الحرة سوى الصحافة الحرة وتعدديتها".
فلستُ نادماً على ما حصل، بل أطلب المزيد من الفرص لي ولغيري للنقاش والحوار الهادئ المنفتح المصغي، أرضية ً وأساساً لبناء التفاهم الوطني والإقليمي، لا بل العالمي، والذي يضمن مستقبلنا، مستقبل الشباب الرائع الذي يدفع بحياته مطالباً بالحرية الناضجة مع الحفاظ على الوطن.
إني مستعد لأي مقابلة مع قنوات وطنية وعربية وأجنبية، في سبيل تقدم النقاش البنـَّاء، بَيْدَ أنني حالياً أرغب بتهدئة الجو والانسحاب من الخوض بالتحليل السياسي، لأن لي واجباً غالياً وجوهرياً في هذا الوطن، هو واجبٌ ديني وروحي، يطالبني به الكثيرون، لذلك "أفضل الصمت الملتزم داخل البلد، على الكلام اللامسؤول في المنفى"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
االأب باولو دالوليو
ررئيس دير مار موسى الحبشي في النبك
2/ 12 / 2011
Comments
amani
Sat, 12/03/2011 - 16:34
Permalink
الله يحميك أبونا مشتاقتلك
الله يحميك أبونا مشتاقتلك كتيررررر
أماني- حمص